منذ فترة وأنا أحاول إعداد مقال عن الممثل الأمريكي الذي سحرني أداؤه بول جياماتي.. ولأنني لم اعرف كيف سأبدأ.. سأختصر الحكاية.
أول ما لفت انتباهي في تمثيل paul giamatti كان فيلم the illusionnist وهو فيلم لعب فيه دور محقق يبحث بشأن غموض الساحر إيزنهايم وسر عودته إلى فيينا وعلاقة مع زوجة الأمير المستقبلية.. لفتني تفاصيل صغيرة أعطى لها العناية في تمثيله مثل النظرات وطريقة الأكل والحديث المنخفض الصوت بأسلوب طبيعي جدًا وليس كالذي اعتدته عند بعض الممثلين من يتصنعونها..
بعدها بدأت في البحث عن أعماله.. كان فيلم Lady In The Water.. للمخرج الهندي الأصل إم نايت شيامالان.. وهو فيلم يشبه إلى حد كبير حدوتة قبل النوم كما هو مشروح على موقع مدارات.. عن سيدة تخرج من حوض السباحة وتلجأ إلى كليفلاند هيب (جياماتي) مدير مجمع سكني ليساعدها في العودة إلى موطنها الأصلي.. كذلك لفت انتباهي أكثر التفاصيل الدقيقة التي يقوم بها جياماتي والتي تعطي للدور صدقًا أكثرا بالخصوص أنه يؤدي دور رجل وحيد لديه ماض مؤلم يحاول إخفاءه.. هذه التفاصيل التي ذكرتني مباشرة برفعت إسماعيل بطل روايات الدكتور أحمد خالد توفيق والتي كلنا نفاجأ بأنها موجودة وتمر أمامنا ولكن ما أن يتحدث عنها حتى تبدو غريبة ومألوفة جدًا وهو ما أكد لي أن جياماتي صاحب موهبة فريدة جدًا في التمثيل.
بعدها شاهدت الفيلم الرائعة sideways والذي حاز على أفضل الترشيحات والجوائز وقتها – 2004 – وهو فيلم يتحدث عن رجلين الأول “مايلز”/أستاذ (جياماتي) والآخر “جاك”/ممثل (توماس هادين).. جاك تبقى له أسبوع ليتزوج فيقرر صديقه جياماتي أن يذهبا في رحلة للاستمتاع بآخر أيام الحرية لدى جاك قبل الزواج.. بالطبع أنا أختلف فيما يذهب إليه الفيلم من الحديث عن النبيذ والخمر والذي هو اختصاص البطل هنا.. وعن العلاقات والمشاهد الجنسية ولكن الدقائق الصغيرة أيضًا التي تتحدث حولها القصة بشأن علاقاتنا مع الآخرين وكيف تتغير تصرفاتنا وأفكارنا في اليوم آلاف المرات وعن ضرورة تفكيرنا الجدي في مستقبلنا مع الشريك الذي نختاره.. مع الكوميديا الظريفة الخفيفة التي صاحبتها مع أداء مذهل جعلني أؤكد بعد الفيلمين الأولين أنه جدير بهذه الجوائز التي حاز عليها.. وأعود وأجدني أمام التفاصيل الصغيرة العادية التي نقوم بها في يومياتنا ولا نلتفت إليها لأجده يقوم بها بكل سهولة وبإتقان مذهل.
لا تعتبر هذه المقالة أو التدوينة نقدًا فهي لا تنتمي إلي عالم النقد السينمائي او حديث السينمائيين في شيء إنما هي تسجيل لما يعجبني وما يلفت انتباهي وما يروقني كما وضحت قبلاً.
عدت بعدها لأبحث أكثر في أرشيف الرجل.. فوجدت أن الرجل نادرًا ما يمثل في أفلام الأكشن وغالبية أفلامه هي أفلام تتجه أكثر إلى الناحية الفكرية الفلسفية الاجتماعية وهذا يبدو ظاهرًا جدًا من خلال فيلمه الذي شاهدته أيضًا American Splendor وهو أشبه بفيلم تسجيلي وتقدير للمؤلف هارفي بيكر صاحب سلسلة تحمل نفس الاسم وتميز بيكر منذ صغره بمقت ما تذهب إليه العقلية الأمريكية من النمطية في الحياة وأن يصبح الناس نسخًا من بعضهم ولكنهم في نفس الوقت يعانون من التناقض.. كان الفيلم يتخلله حوارات وحديث مع هارفي نفسه وبعض الأحيان نجد معه جياماتي.. وكان التقمص والتأدية لدى جياماتي أيضًا دقيقًا والتفاصيل نفسها أيضًا تظهر في آداءه.
أما آخر ما شهدته له فهو مقطع على اليوتوب في السلسلة القصيرة التي تسرد قصة حياة الرئيس الثاني لأمريكا جون آدامز John Adams والذب قام بتأدية شخصيته والتي هي تتجه إلى الفلسفة أكثر منها إلى السياسة.. وهو ما يؤكد لي نمطية هذا الرجل في اختيار أفلامه ذات الطابع الفكري الفلسفي أكثر منها الأكشن القليلة والتي كان من بينها فيلم Shoot Em Up .
هناك فيلم آخر رشح فيه لنيل جائزة أحسن دور مساعد وهو فيلم cinderella man ولكنني لم أشاهده بعد.. وأؤجل الحديث عن الأفلام التي لم أشاهدها له.. فقط أود أن أقول أنني استمتعت وربما لأول مرة بالقراءة عن تاريخ ممثل ما وعن عالمه وفنه وأعماله بعيدًا عن عالم الشهرة والإعجاب وغيره.. وربما هي المرة الأولى التي يكون لي اهتمام بالتمثيل ودوره في حياتنا.
هذا مقطع من السلسة القصيرة لحياة الرئيس الأمريكي الثاني حون آدامز في مشهد حزين لأواخر حياة الرئيس ومشهد وفاة زوجته:
اختيار جيد وذوق جميل .. اضيف على ذلك ان فيلم the illusionist من أروع ماشاهدت من افلام .. قصة واخراج وأداء .. خاصة أداء الممثل الذي تفوق على نفسه في هذا الفيلم Edward Norton.. تدوينتك رجعتني للحظات جميلة .. فشكرا