هناك تجارب مفصلية في حياة كل واحد منا تصبح مع الوقت كمرجع لتحديد مفاهيم وأولويات معينة، بالنسبة لي هذه التجربة هي مرحلة دراسة الفنون الجميلة لأربع سنوات، خلالها اكتشفت الكثير وفهمت الأكثر.
قد يحبط البعض حين أقول لهم أنني درست علم الأحياء – البايولوجي – بالجامعة تحت إصرار الوالد، وهو التخصص الذي له مستقبل واعد جداً في الجزائر، لكنني مع هذا أعدت السنة الأولى ثلاث مرات متتالية لم أفلح فيها على الإطلاق بسبب اللغة الفرنسية الإجبارية، وكأنني أقرأ الطلاسم.
وبعدها وبشكل مفاجيء إتخذت قرارًا مصيريا بدراسة الفنون الجميلة التخصص الذي أردته من البداية وعارضه الوالد، فشاركت في المسابقة دون علم منه وأنا أعلم يقينا بأنني سأقبل فوراً، ودرست لمدة السنتين والوالد يتصور أني أدرس علم الأحياء، وطبعاً إكتشف الأمر ذات يوم وكانت ليلة سوداء.
خلال تلك الفترة كنت في قمة شغفي بهذا العالم “الفنون الجميلة” و”البصرية” تحديدًا، وفجأة بدأ العالم يتغير وكل شيء من حولي يتجه نحوه بشكل ما، بدأت أرى أن هذا هو ما كان يجب علي إتباعه من البداية، لكن تجربة الجامعة الغير ناجحة كانت ضرورية فيما يبدو لسبب لحد الآن لا أفهم ما هو.
قمة الشغف هذه ساعدتني على أن أفهم المغزى الحقيقي من تعلم الفنون الجميلة والبصرية، وهو أن تسلك طريقك بنفسك أن تتعلم ما تريد تعلمه بنفسك ولا تنتظر شيئاً من الأستاذة والمدرسين الذين مع الأسف وبسبب تدهور الحالة التعليمية والإدارية جعلوا من حياتنا الدراسية جحيماً، وكل عملهم إقتصر في تقديم موضوع الورشة أو الدرس ومن ثم تنقيطنا وبعدها نقدنا شكل جارح أحياناً عديدة، أما المهم وهو المحتوى فقد كنا نصارع بعضنا بعضاً لنفهم المطلوب منا تحديداً وما هي التقنيات التي يجب علينا تعلمها؟، والشكر لطلبة السنوات الرابعة والثالثة على مساعدتنا، وعلى تشجيع بعضنا البعض.
ذاك التجاهل ونفض الأيدي عنا كطلبة من قبل الأساتذة ساعدنا كثيراً لنطور من قدرتنا على التعلم في مجال الفنون بالشكل الذي نريده، فلم أكترث يوماً للنقاط والدرجات، فقد كانت متدنية جداً مثلها مثل المعاملة، لكني اكترثت جداً لتعليم نفسي ما يمكنني تعلمه بقدر الإمكان والاستفادة منه، حالي حال كل طالب آخر.
لنقل أن دماغي استطاع تطوير منهجه التعليمي بشكل ما، استطاع التأقلم مع الوضع ووضع خريطة تساعده للتعلم في مجال الفنون البصرية وتطوير الذائقة الفنية لدي، والأهم أنني بنسبة كبيرة لن أجدني في مأزق في الغد حين أحتاج إلى تعلم شيء جديد في مجالي، فقد دربت نفسي على ذلك وتعودت على أن لا أحد سيمد يده لي ليعلمني سواي، تعلمت أن أستمع لكلام الآخرين حول أعمالي لكنني أبدًا لن أتفلت إلا لما يعنيني فيها، أو وما أراه يستحق الأخذ به. وتعلمت أن ما أراه اليوم رائعاً، غداً سيكون سيئاً، لكنني على الأقل سأفخر به الآن بكل ما أستطيع وليكن ما يكون غداً.
واليوم عندما ألقي نظرة إلى الوراء سنوات قليلة فقط أرى الفرق وما حقتته، وأظنني قد حققت معجزة بشكل ما، ولله الحمد أولاً وأخيراً.
ولأن الكثير من القراء يرون أني “متشائم” – وأنا أقول واقعي – هذه التدوينة تشرح جانباً لم أتحدث عنه من قبل، ولمن يزال ينتظر من يعلمه، علم نفسك، لا تنتظر من يعلمك، وقدر كثيرا الأصدقاء من يساعدونك ويدعمونك.
أنا أحترمك جدا عصام لما فيك من اصرار على الابداع فيما تحبه و لتواضعك ولنظرتك للحياة التي كما اشرت يراك من خلالها الآخرون متشائما.. كن أنت فقط. كما يسرني أن أتعلم منك هذا الدرس اليوم :).
لك سيد عصام ارفع قبعتي -التي لا امتكلها- اجلالا و احتراما و تقديرا
كل يوم ازيد يقينا اننا متشابهان ، هل تدري ان نفس سيناريو الجامعة التي حصل معك حصل معي
مع تغيير الشعب فقط ، درسك مهم للغاية ، درس في الإصرار مهما كانت العقبات ، يجب علي حفظه
عن ظهر قبل لاعيد تجسيده في كل مرة قد اواجه عقبة او احباطا
تحياتي و سلامي لك عصام
أتفق مع ماكتبتْ.
المرحلة الغير ناجحة كما تقول هي بمثابة “تصفية” المهم والأهمّ في مسارات التعلّم!
وتلك الأولويات من الضروري أن يتخلل تصفيتها بعض ردود الفعل التي لاتؤيدنا..
ورغم أننا نعرف جيدا مايمكن أن ينطوي بعدها، إلا أن غيرنا لايمكنه أن يرى أبعد من موضع خطوته! 🙂
السلام عليكم
عندي استفسار بسيط
ماهي أهم المراجع الاكاديمية في دراسة الفنون الجميلة وخصوصا الجرافيكس ..
؟؟
اتمنى لكم التوفيق في حياتكم الابداعية ..
tu te prends trop au sérieux ,soit modeste,on croirait que tu es un génie alors qu’en faite tu n’es qu’un chômeur.
je ne cherche pas à être méchant ,mais il n’y a que la vérité qui blessé.
Notre problème c’est qu’on a beaucoup de ces MIKAELs en Algerie.
qui veulent que tout le mande soit petit, a leur image
بالتوفيق ياعصام في مشوارك الفني.
مقال اكثر من رائع احسنت النشر ومدونه رائعه الحقيقة
جزاك الله كل خير