من غير المعقول بالنسبة لي أن أستمع لأغنية أو لمقطوعة موسيقية طوال اليوم، ويا للسعادة حدث هذا الأمر لي مرة أخرى، حيث لم أمل من سماع المقطوعة منذ قيامي من الفراش صباحًا، إلى موعد خلودي للنوم بعد قليل، كان صديقي – أحمد رضا بابا عربي – قد عرفني على مقطوعة تركية على الساوند كلاود، مكتوب في عنوانها على أنها موسيقى صوفية تركية، وقتها كنت في الجزائر، في غرفتي أستمع لها غير مصدق للجمال الذي يتخلل مسامعي، كدت أطير مع كل ثانية فيها، شيء روحي غير مسبوق مررت به وقتها، لم أعرف اسمها الحقيقي، ولا من الفرقة التي عملت عليها؟ تطبيقات التعرف على المقطوعات لم تكن قد توسعت كفاية وقتها، استحوذت علي المقطوعة لأيام، قبل أن أنتبه إلى الحقيقة التي جربتها مرارًا، لا أود أن يصيبني الملل من المقطوعة كما حدث لي مع موسيقى ياني التي كنت أسمعها بدون انقطاع حتى أنها لم تعد تدهشني. قررت أن أقتصد في الاستماع لها، علي المحافظة على جودتها في أذني، لا يجب علي استهلاكها واستنذافها، وهو ما فعلته. كنت أحرم نفسي من سماعها كلما فتحت ملف الموسيقى المفضلة لي، هي ومقطوعة الحلم الضائع لعمرو اسماعيل، كأفضل المقطوعات الموسيقية لدي على الاطلاق.
اليوم وأنا أجيب على أحد أسئلة حوار معي بشأن الموسيقى المفضلة لدي، تذكرت المقطوعة الصوفية التركية مباشرة، لكنني لم أعرف اسمها كي أكتبه في الاجابة، فكرت في تطبيق شازام للتعرف على الأغاني والموسيقى، عله يحتوي تحديثًا يرشدني لمعرفة صاحب المقطوعة. وبالفعل، أفاجئ بالعنوان الكامل للمقطوعة، والأجمل أني سمعت النسخة المغناة منها، بآداء تركي محبب جدًا لقلبي من قبل المنشد الصوفي آندر دوغان. المقطوعة الموسيقية بهذا الشكل اكتملت معي، استمعت لها مرارًا وتكرارًا غير مصدق أنها تدهشني مرة أخرى!!.. تعرفت كذلك على المنشد آندر دوغان، الذي درس علم الاجتماع، وبتكوين موسيقي رفيع ومتخصص.
لم تقتصر هذه المقطوعة والمنشد آندر في جعل يومي سعيدًا فحسب، بل ذكراني بسنوات قليلة ماضية، حيث كنت مهتما جدًا بالثقافة والفن التركيين، بين الزخرفة وفن الخط والمعمار التركي، البيوت التركية الريفية التي بالنسبة لي هي أهم بكثير مما تحتويه اسطنبول وتاريخها العريق، وحيث أشاهد أفلامًا تركية باللغة التركية ولا أفهم منها شيئًا، تعجبني اللغة التركية، لأنها لغة صوتية بامتياز، اللون التركواز الذي يميز الخزف والفخار التركي، اللون الأحمر القوي في العلم التركي، الناي التركي الحزين في فيلم حكايات اسنطبول مع آلتان إيركيكلي، الناي الذي لا يطيقه أحد أصدقائي ويقول بأنه يذكره بالموت والأحداث التعيسة. الابتهاج بهذه المقطوعة كذلك يذكرني بالحزن الذي تحدث عنه أورهان باموق في مذكراته حول اسطنبول، الحزن الذي صار ميزة في الموسيقى والفنون التركية، الحرب والفقر وما خلفاه في حياة أجيال كثيرة، حتى المباني تبث الحزن في النفوس، إلا أنها تبث في بشكل ما ابتهاجًا وشغفًا ومحاولتي الاستمتاع بهذه الصورة الخيالية التي شكلتها لتركيا في ذهني، كنت دومًا أبحث عن استكشاف تركيا عن قرب، التعرف على فنونها بشكل أقرب، أن أستمتع بالربيع التركي الذي سلب عقلي في مسلسل تركي شاهدته فقط لأجل المناظر الطبيعية التي يعرضها. الآن لم تعد لدي النية لفعل ذلك. سأفعل ما قاله صاحب المحل في رواية الخيميائي حين رفض الذهاب إلى الحج حتى لا يفقد حلمه الذي يدفعه للقيام من فراشه صباحًا. أو أن يتحقق الحلم بالشكل الخطأ، أن لا تكون الأمور بنفس الخيال الذي نسجته لها! خاصة وأني لست من المتحمسين للسياسة التركية، ولا أريدها أن تفسد علي هذه الذكرى الخيالية.
موسيقى الحلم الضائع لعمرو اسماعيل:
—–
مصدر الصورة
عظمة على عظمة ..
عمرو إسماعيل عمل ريمكس جديد لكل ألبوم رحيل على فكرة .. سمعته ؟
لا، لم أستمع للألبوم الجديد، سأبحث عنه