ملاحظة: الموضوع يحرق بعض تفاصيل الفيلم.
راقني جداً الاختلاف الذي قدمه فيلم Gravity أو جاذبية في قصته عن قصص أخرى عديدة تدور في الفضاء.. بغض النظر عن بعض المغالطات العلمية الفيزيائية والتي بعضها كان أحياناً فجاً.. إلا أنك لا تملك سوى التغاضي عنها أمام قوة القصة نفسها وتسلسل أحداثها.. والتي تتعلق حول راين ستون ومات كوالسكي في سعيهما للنجاة في الفضاء الواسع والعودة إلى الأرض بعد تعرض مكوكهما للتدمير على أثر حطام تسبب به صاورخ روسي.
لم أشاهد الفيلم بتقنية الـ 3D مع الأسف، لكن مشاهد الكرة الأرضية والفضاء كانت مشاهد خرافية، وتقريباً كنت ممسكاً بهاتفي وأضغط عليه من التوتر مع كل مشهد تحطم أو فقدان للتواصل مع مركبة ما ومحاولة التشبث بأي شيء قبل أن يجرف الفضاء كل شخص وأي شيء.. مع ذاك السكون والفراغ الواسع المظلم.. وكأنني أنا بنفسي معهم هناك بالأعلى أحاول التشبث بشيء ما.
ساندرا بولوك بطلة الفيلم والتي تؤدي دور “راين ستون” مهندسة طبية في أول مهمة لها بمكوك الفضاء.. تقريباً مثلت الفيلم لوحدها مع مساعدة قليلة من جورج كلوني الذي أدى دور مات كوالسكي رائد الفضاء المخضرم في آخر مهمة له في الفضاء..قبل أن يختفي سريعاً من الأحداث لتبقى ساندرا بولوك لتكمل الفيلم..
واستطاعت ساندرا مثلما يقال “حمل” الفيلم على عاتقها بنجاح كبير، حتى أنك لا تستطيع رفع أعينك عن تعابير وجهها؛ استطاعت تمثيل الشخصية الضعيفة جداً والقوية في آن واحد.. من البداية تقدمها القصة على أنها إمرأة تائهة بلا هدف منذ يوم وفاة ابنتها بسبب حادث بسيط.. لم تعد تعرف لم هي موجودة ولماذا ما تزال على قيد الحياة.
إلى أن تحين تلك اللحظة التي تبدأ فيها بالحديث مع نفسها بأنها ستموت بعد قليل.. وأنها بالرغم من احباطها ومللها من حياتها ومن معرفتها بأنها ستموت إلا أنها مرعوبة وخائفة للغاية من فكرة الموت نفسها حول ما سيحدث عند وبعد الموت.. ووسط هذه الهلاوس تنطلق فكرة جديدة أخرى من داخلها.. إذا كنت في كل الأحوال سأموت فليكن الأمر كذلك.. سأعمل على إيجاد حل لعودتي إلى الأرض.. سواء مت الآن أو بعد مائة عام، أنا ميتة في كل الأحوال.. سأجد هدفاً لي لأعيش من أجله.
وتبدأ مغامرتها في العودة إلى الأرض مهما كانت النتيجة.
الجميل في الفيلم أن تصوير المشاهد كان ينتقل بين التصوير بشكل عادي.. ثم كسر هذه الرتابة لتصوير المشهد من خلال عيون البطلة نفسها داخل خوذتها والضبابية التي ترى بها الأشياء من حولها ومحاولة إمساكها بأي حبل أو مقبض باب مع لهاثها وصوتها المرعوب.. وكأن بالمخرج يحاول وضعنا مكانها لنعيش تجربتها بانفسنا ونتخيل حالنا لوحدنا في الفضاء نصارع من أجل البقاء ولنعيد التفكير في حياتنا من جديد وندفع بها للأمام قبل فوات الأوان.
كما أنه كان من الواضح أن المخرج يحاول اللعب على الوترين.. الحالة الدرامية التي أمامه والتي يريد إيصالها للمشاهد ليفكر بها.. والإثارة والترفيه اللازمين لترويج للفيلم وجذب أكبر عدد من المشاهدين وعشاق الفضاء.
ساهمت الموسيقى التصويرية من رفع حدة الإثارة في مشاهد مهمة جداً. وشخصياً أغرمت بالموسيقى التصويرية التي صاحبت مشاهد عودتها إلى الأرض ودخولها الغلاف الجوي في تلك القمرة الصغيرة وهي تصرخ بأن كل الاحتمالات لا تهم وكل النتائج لا تعني شيئاً الآن.
نعم، لقد حرقت كل الفيلم (أصبحنا نعرف أن جورج كلوني لن يرافقنا طول الرحلة بوسامته وصوته الشجي… شكرا)
ولا بأس، لأننا عادة لا نشاهد مثل هذه الأفلام من أجل القصة بل من أجل تلك الرحلة المثيرة.
عندما شاهدت إعلان الفيلم كان أول ما خطر على بالي رواية “العالم المجهول” لتوفيق الحكيم
شاهدت الفلم من قبل
و بالفعل المشاهد و الأصوات تأثر فيك و تدخلك في أحداث الفلم بشكل رهيب !