صناعة الخطوط العربية.. مصطلح أو جملة بدأت تتردد مؤخرًا على ألسنة المستخدمين والمصممين العرب مطالبين بمزيد من الاهتمام بهذا العالم أكثر لتطوير مجال الجرافيكس العربي الذي يفتقر إلى التجديد مقارنة بنظيره الغربي أو اللاتيني والذي يشهد منذ بداية الألفية الثالثة ثورة بصرية غير مسبوقة تعتمد على التجديد المتواصل والإبهار للفت الأنظار والاستحواذ عليها.. وقد كان لصناعة وتصميم وتطوير الخطوط حصة كبيرة جدًا إن لم نقل حصة الأسد..
وتوقف بنا السؤال حول الخطوط العربية وأين هي من هذه الثورة وهذا التطوير؟.
وللإجابة على هذا السؤال اتجهنا إلى مصمم وخطاط يعتبر واحدًا من أهم أصحاب هذا الميدان وهو المصمم محمد الحسن صاحب مشروع HacenType لتصميم وصناعة الخطوط العربية.
– المصمم حسن… حدثنا عن بداياتك في مجال تصميم الخطوط العربية؟
بسم الله الرحمن الرحيم، أشكركم جزيل الشكر على إتاحة هذه الفرصة الطيبة لي من خلال مجلتكم الرائعة مدارات. حسناً، لقد كنت من هواة الرسم والخط في صغري، وأتذكر أنني بدأت ممارسة هواياتي المتعلقة بالخط والخطوط الطباعية العربية خاصة وأنا في الخامسة من عمري! حيث كنت أميز بين الخطوط العربية واللاتينية المستخدمة في المجلات والكتب والمطبوعات وأغلفة المواد الاستهلاكية. وفي التسعينات كنت أحضر “قوالب” خاصة لخطوط طباعية أصممها لنفسي لاستخدامها في أعمالي الخاصة. وفي بداية العام 2000 بدأت استخدام الكمبيوتر وكان لذلك دور كبير في صقل تجربتي مع التيبوغرافيا مما نتج عنه تحويل تصاميم كثيرة رسمتها في السابق على قوالب ورقية إلى خطوط جاهزة وهي التي بين يديكم حالياً.
– ما أهمية هذا المجال برأيك في تطوير عالم الجرافيكس العربي أو حتى في حياة القارئ العربي؟
إن الخطوط الطباعية هي من سمات ومتطلبات الجرافيكس في العصر الحديث، ولا يمكن تحقيق ثورة في مجال التصميم إلا بوجود خطوط متطورة تلبي متطلبات المصمم العصري والرؤية العصرية للكتابة وطريقة عرضها، سواء كانت متلفزة أو مطبوعة على الورق وغيره من الوسائط المتعددة.
إن الحاجة أصبحت ملحة لتطوير الحرف العربي ليتلائم مع التطور الحاصل للكتابة اللاتينية وقابليتها للتطويع والتجديد في مختلف الاستعمالات، وبالتأكيد هذا سيكون له دور كبير في تحديث الكتابة و تسهيل القراءة العربية ويعطي الشكل الأنسب للحرف العربي في العصر الرقمي.
– بالرغم من المحاولات الجيدة والجادة من قبل مصممي الخطوط العرب إلا أنها ولحد الساعة لا ترقى إلى مستوى ما يتحقق مع الخطوط اللاتينية؟
اعتقد أنه حصل تطور جيد في مستوى تصميم الحروف العربية الحديثة، وهنالك حروفيون عرب أجادوا في تحديث الشكل التقليدي للخط العربي وملائمته مع متطلبات الظهور في الوسائط المتعددة. لكن رغم كل هذا لا يزال هنالك نقص في مستوى الجودة للخطوط المعروضة، فالغالبية من مصممي الخطوط العرب يذهبون لمحاكاة خطوط لاتينية لتحوير أشكال بعض حروفها لتوليد خط عربي “هجين”، وهذه العملية رغم أنها عادة تمسخ هوية وشخصية الحرف العربي إلا أنها تؤتي ثمارها في بعض الأحيان، وقد شاهدت خطوط عالية الجودة نتجت من مزاوجة بين خطوط لاتينية وتركيبة عربية.
– من خلال بحث سريع وجدت بأن جل مستخدمي ومصممي الجرافيكس العرب لا يأبهون بـ “من أين تأتي هذه الخطوط؟”.. بحيث يستعملونها مباشرة دون الرجوع إلى مصدرها.. من صممها؟ ولماذا صممها؟ والاهم من ذلك كيف صممها؟.. ويغلب عليهم طباع الاستهلاك كما يحدث مع التكنولوجيا الحديثة.. ما هو السبب الذي أدى إلى ذلك؟
القليل من المصممين العرب يعطي العناية والاهتمام بالخطوط والتيبوغرافيا العربية بشكل عام، والقليل جداً منهم يأبه بالحقوق الفكرية للخطوط المستخدمة، وهذا وكما تفضلت أنت بالإشارة إليه في سؤالك ينطبق كذلك على استخدام البرمجيات والتطبيقات لدى المصمم العربي العاجي، بحيث يندر أن تجد مصمم عربي يستخدم أدواته وتطبيقاته بشكل شرعي، فالغالبية العظمى وللأسف تستخدم البرامج المقرصنة فما بالك بالخطوط!.
– كيف يمكننا توعية جمهور المستخدمين والمصممين بأهمية النظر في هذا المجال وأصحابه؟
نحن نحتاج لمنتديات ومواقع خاصة بالتيبوغرافيا العربية، ونتمنى لو أن البرامج والقنوات التلفزيونية المتخصصة تولي العناية لهذا المجال الهام والحيوي للثقافة والفنون العربية، ونحتاج كذلك لإقامة الندوات والدورات المتخصصة في المجال في أقطارنا العربية بصفته مجال رئيس وذو علاقة مباشرة بفنيات ومتطلبات التصميم الفني. ومن المؤسف أنه تعقد ندوات في الخارج للاهتمام بحرفنا العربي ويندر أن يحدث هذا في منطقتنا باستثناء القليل من التظاهرات مثل مؤتمر “كتابات” الذي انعقد منذ فترة في دبي بالإمارات العربية المتحدة.
– لنعد الآن إلى تصميم الخطوط العربية.. هناك من يقول بأن الخطوط العربية من أنجح الخطوط في التطويع يدويًا.. إلا أن ذلك يصعب ويستحيل أحيانًا من الناحية التقنية والتنفيذ.. هل هذا صحيح؟
هنالك فرق بين الخط العربي (التقليدي) والخط العربي الطباعي، فالأول تتجسد جماليته وروحه الحقيقية وهو مكتوب باليد أكثر مما هو بالتنضديد الآلي، ورغم أن هنالك برامج آلية للخط العربي بأنواعه الرئيسية الستة، إلا أنها لا تصل لمستوى الإبداع الفني والتركيب الحرفي الذي يبدع فيه الخطاطين.
إن الخطوط الطباعية تتطلب أن تكون عملية ومدمجة لكي تظهر بسلاسة وتناغم في الأعمال الفنية، لكن ومن ناحية أخرى هنالك نوعيات من الخطوط الطباعية العربية التي تتميز بشكلها الحر الانسيابي وحروفها المتعددة الأشكال والارتباطات… وطبعاً هنالك الخطوط النسخية السطرية التي تحاكي النسخ اليدوي وهي ناجحة، ولاشك أن خطي “ديوان ثلث” وديوان نسخ” من شركة ديوان للبرمجيات أثبتا أن تطويع الخطوط العربية التقليدية للاستعمال الرقمي ممكن من الناحية التقنية والتنفيذ.
– هل هذا هو سبب عدم اهتمام الشركات الكبرى العربية منها والأجنبية في تجنب الخط العربي خاصة وأنكم تعتبرون صناعة الخطوط العربية العمود الفقري لتطوير الجرافيكس العربي؟
لم يصل لحد علمي اهتمام من شركات عربية لتطوير صناعة الخط العربي، بينما نجد شركة عملاقة مثل “لينوتايب” الألمانية تولي عناية واهتمام بتطوير استخدام الخطوط الطباعية العربية وانتاجها، وشركات أخرى مثل مايكروسوفت.
– المحاولات الفردية والشخصية المتواصلة هنا وهناك هل هي كافية لأن تجبر مثل هذا الشركات على تطوير صناعة الخطوط العربية؟
سأقول لك شيئاً، وهو أن النهضة الحاصلة الآن في تطوير الخط العربي الطباعي الحديث يقف ورائها بالأساس أشخاص وأفراد آلوا على نفسهم أن يقوموا بالمهمة ويضعوا الأساس لانطلاق ثورة حقيقية في شكل الخطوط الطباعية العربية الحديثة، وأنا متأكد بأننا سنجني ثمار هذه المحاولات التي يبدع فيها بعض المصممين الشباب العرب وستستمر مسيرة تطوير الحرف العربي بحول الله.
لقد حصل في السابق نوع من الاحتكار لإنتاج وتطوير الحرف العربي من قبل شركات وحتى من قبل أفراد مصممين حروفيين، وحالياً كل هؤلاء ممتعضون من كون الخطوط الجيدة صارت متوفرة وليس من خلالهم هم فقط، وهذا ما حدا بالبعض منهم أن يطور إنتاجه لدرأ المنافسة والبعض الآخر توقف نهائياً عن الاستمرار أمام جودة وتوفر الخطوط العربية الجيدة التي يصممها أفراد عاديون إما بالمجان أو بأسعار خفيفة.
– يواجه المصممون العرب سؤالاً ملحًا.. ما هو الفرق بين الخطوط الطباعية والخطوط المستعملة للعرض على الشاشة إن شئنا استخدام هذا التوصيف؟
سؤالك من الأهمية بمكان، فخطوط العرض لها أسلوبها وبنيتها الخاصة، ودائماً ما تكون خطوط العرض على الشاشة غير جيدة للطباعة، خذ مثلاً الخط الظاهر على شاشة قناة الجزيرة القطرية، وهو من أروع وأفضل خطوط الشاشة على الإطلاق، هذا الخط عندما توظفه في النصوص والعناوين سيفقد ألقه ومظهره المرئي. يجب علينا أن نفرق بين خطوط الشاشة وخطوط الويب (البكسل)، فخطوط الشاشة أو خطوط العرض هي خطوط في الأساس مبنية على قاعدة قصيرة وحروف عريضة نسبياً لتتحمل العرض التلفزيوني المختلف باختلاف أجهرة التلفزيون المستقبلة للبث، وبالتالي تكون سهلة القراءة والمتابعة بحجم صغير. خط الجزيرة مثلاً لا يتمتع بنفس الجمالية التي يظهر بها وهو صغير وذلك عندما تقترب من حروفه أو تشاهده مكبراً وهذا يعكس أنه خط “مضاد للبلورة” ويتحمل “ضبابية” العرض التلفزيوني، فلكي تعرض خط على الشاشة يجب أن لا يتكسر أو يهتز، ولعلك مثلاً تلاحظ أن خطوط عربية جميلة وشائعة لا تصلح عند استخدامها في شريط الأنباء المتحرك على الشاشة، والسبب أنها ناعمة ودقيقة لأغراض الطباعة وليست مركبة على أبعاد ومتطلبات العرض التلفزيوني.
– عن تجربتك الحالية مع الخط العربي وتصميمه.. حدثنا عنها؟
أنا في الأساس مصمم فني في مجالات الجرافيكس والفيديو، وهذا هو عملي ومجالي، إلا أنني كذلك مهتم بتصميم الخطوط والتيبوغرافيا العربية، واعتبر تجربتي الوليدة في المجال ناجحة شيئاً ما وإن ينقصها الاستمرارية ومزيد من المنضوين تحت طاقم العمل في مشروعنا HacenType الذي بفضل الله استطاع أن يقدم الجديد في مجال التصميم العربي بابتكار “الخطوط الذكية” وكذلك مجموعات الخطوط التي لقيت نجاحاً كبيراً والتي تصدر باستمرار بحول الله.
– ماذا عن التجارب الأخرى لغيرك من المصممين التي يجدر الحديث عنها والإشارة إليها؟
والله في الحقيقة هنالك وجوه لامعة في المجال، ولكن ما يلفت انتباهي هو وجود وجوه جديدة انطلقت بقوة وتميز وأتمنى أن تواصل العطاء، مثل المصمم المبدع باسكال الزغبي والمصمم فضل الرحمن وكذلك المصمم زين العابدين جادلي، وهؤلاء قدموا انتاجاً يستحق الإشادة والتقدير.
– ما هي توقعاتكم لمستقبل صناعة الخطوط العربية؟
أنا متفائل بالنهضة الحاصلة في مجال الجرافيكس بشكل عام في عالمنا العربي، فنحن الآن لدينا مبدعون ومحترفون كبار في المجال، وصناعة الجرافيكس في المطبوعات والقنوات العربية قطعت أشواطاً متقدمة، وهذا كله يعني بالنسبة لي مزيداً من التقدم لصناعة الخطوط العربية الطباعية التي يرتفع عليها الطلب والاستخدام كلما تطورت أساليب الإبداع والاحترافية في مجال التصميم الفني الذي يتطلب التميز المنقطع النظير والحصرية في الأساليب والتصاميم.
– كلمة أخيرة أستاذي الكريم.
أعود مرة أخرى لأشكركم على هذه الفرصة وأتمنى أن نشاهد على صفحات مجلتكم المتميزة مزيداً من التغطية والاهتمام بالتيبوغرافيا العربية ومناقشة المواضيع المتعلقة بها. وشكراً.
موقع المصمم محمد حسن
Hey, great post, very well written. You should blog more about this. I’ll definitely be subscribing.
thank you man, i’ll
🙂
أولا شكرا لك اخي حمود على المقابلة الرائعة مع الخطاط المبدع الأستاذ محمد حسن
و أتمنى أن رى مقابلات أخرى مع أساتذة كبار أمثال الأستاذ بطرس و الأستاذ طارق العتريسي
ثانيا
بالنسبة للأستاذ حسن كنت أنتظر منك أن تسأله عن الأنطلاقة الجديدة و التي منذ عرفت موقعه قبل عام ونصف و أنا أنتظرها إلى يومنا هذا .
انا مصمم وخطاط من السودان خريج قسم الخط العربي والزخرفة الإسلامية كلية الفنون الجميلة الخرطوم
اريد من استاذنا محمد حسن ان يحدثنا عن كيفية برمجة الخطوط الطباعية العربية
هناك كتب مجانية على الشبكة ابحث عن
المدخل الى تصميم الخطوط للحواسيب
يحيى الزغلي
ودعاؤنا لك بالتوفيق
شكرا أستاذي الكريم ولكن أرغب بخط الجزيرة على شكل فونت وأرجو شاكرا تأمينه ……… أخوك المحب خالد المصمم / خطاط الفرات ولكني بقيت طالبا في الخط ولن أكون استاذا / خ ز خ
شكرا لكم على هذا الحوار الشيق
ونتمنى للأستاذ محمد حسن وجميع مصممي الخطوط التوفيق والنجاح
حوار فعلاً شيق مع الاستاذ الرائع محمد حسن
يوجد العديد من الخطاطين التبوجرافيين المخضرمين من اليمن مثل الاستاذ سلطان المقطري http://sultanfonts.com/
والاستاذ القدير عبدالله عبد الكريم فارس http://www.abdulla.faris.com/
انتظر بكل شوق التبادل لخبراتهم الطويلة
شكراً جزيلاً استاذ حمود
كلامك صحيح يا حسن الا ان خطوطك ذات مستوى عادي
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرا على الخطوط الرائعة التي تضعها
حوار شيق .. الى مزيد من النجاح
السلام عليكم جميعا
انا ابحث عن اهم مصممي التيبوغرافي من يستطيع انا ان يذكر لي اشخاص مع عناونين ايمل او صغحاتهم الشخصية أكون له شاكرا
شكرا لكم على الحوار الجميل
! المصمم حسن مبدع