كان من بين الكتب التي وددت اقتناءها يوم طالعت غلافه على موقع خط، لم تكن لدي فكرة عنه سوى أنه كتاب يتحدث مشروع لتصميم خطوط عربية ولاتينية متوافقة فيما بينها، لا أكثر ولا أقل.
حصلت على الكتاب مؤخراً، واكتشفت أنه كتاب مميز في فكرته، يتحدث عن مشروع قام به مجموعة من الحروفيين العرب مع مجموعة من الحروفيين الهولنديين، بهدف تصميم خطوط طباعية عربية جديدة تستفيد من الخط الطباعي الهولندي الذي يعتمد في أساسه على تقاليد الفن اليدوي مثلما هو الحال بالنسبة للخط العربي.
الفكرة الأساسية أتت من قبل هدى سميتسهوزن أبي فارس في عام 2005، حيث من خلال مشوارها الأكاديمي والابداعي وجدت أن الخطوط اللاتينية متقدمة جداً عن الخطوط العربية، ولديها تنوع كبير، وأيضاً هناك عدد كبير من الحروفيين في الغرب، في المقابل تعاني اللغة العربية من نقص في تنوع الخطوط العربية الطباعية، مع زيادة انفتاح العالم العربي على الغربي بشكل كبير وازدياد التواصل بين الشعوب أكثر وأكثر، وهو ما عنى لها ضرورة العمل لانتاج خطوط طباعية عربية جديدة متوافقة مع خطوط طباعية لاتينية، وليكون التوجه الأساسي لهذا المشروع هو تحديث خطوط عربية للنصوص، وتطوير نوعيتها لتصبح، من جهة، معياراً للتطورات المستقبلية في هذاالمجال، ولتولّد من جهة أخرى، تزاوجًا جيدًا مع عائلات الخطوط الطباعية اللاتينية الموجودة حالياً. وأيضاً لتأمين حلول في تصميم خطوط طباعية عربية واضحة القراءة تلبي حاجات الكتابة باللغتين.
وعلى الجانب كذلك يتحدث الكتاب عن ضرورة الاحتكاك بين الحروفيين العرب والحروفيين الغربيين، وإطلاع كل طرف على الجوانب المختلفة في كل لغة وحروفها، وتبادل الخبرات والمعلومات التي يفتقدونها، والجانب الأهم أيضاً هو استيعاب حاجات سوق الاستهلاك والانتاج الهائلة بشكل أفضل على حد تعبير هدى أبي فارس.
الكتاب لا يعرض العملية التقنية التي مرت على الخطوط العربية الطباعية التي تم انتاجها، فالخطوط اللاتينية موجودة بالأساس، لذا فهو يوثق تجربة كل خط عربي وكيف تم العمل بين المصممين العرب ونظراءهم الغربيين.
على سبيل المثال – بشكل مختصر جداً – يقدم الكتاب تجربة خط فيدرا سيريف لبيتر بيلاك مع طارق عتريسي، فاختيار الخط جاء لكونه خط يصلح لتنضيد الكتب، وهو خط ثابت وقوي، واضح القراءة عند استعماله في مقاسات صغيرة، وأن خطًا بهذه المواصفات غير متوفر عربياً، ثم يقدم شرحاً مبسطاً لعملية التصميم التي تمت بين طارق عتريسي وبيتر بيلاك الذي استهلك شهراً كاملاً في دراسة الخط العربي بتكوينه وإيقاعه البصري وخصائصه حتى يصبح مألوفاً لديه، ثم سعي الفريق إلى تكوين هيكل الحروف الأساسية، إلى تحديد خصائص التصميم التي نقلت إلى خط فيدرا العربي مثل نسب أجزاء الحروف اللاتينية كالـ Baseline والمحافظة على الخط الأعلى والأسفلة للسفليات الذين بقيا متطابقين، ويوضح أن العنصر الأساسي الذي حدد شكل الحروف العربية هو خصائص الالتواءات Curves الموجودة في خط فيدرا اللاتيني، بالاضافة إلى تفاصيل أخرى غيرها، لكن أهم ما تم التركيز عليه هو عدم فرض التكوين اللاتيني على العربي.
يعرض الكتاب تجربة كل من خيرارد أونغر مع نادين شاهين، فريد سمايرز مع لارا أسود خوري، مارتن مايور مع باسكل الزغبي، لوكاس دو خروت مع منير الشعراني وبيتر بيلاك مع طارق عتيريسي، أما الخطوط التي تم انتقاؤها للمشروع فهي: خط فيدرا، خط سيريا اللاتيني وخط صدى العربي، خط فرسكو، خط بيغ فيستا وخط ذو ميكس.
كتاب ممتع وجميل، يوثق لتجربة مهمة ومثيرة وسابقة في مجال التصميم العربي، مكتوب بلغتين العربية والانجليزية، والواضح أن التركيز على اللغة الانجليزية، فهناك أخطاء عدة في المحتوى العربي الذي تمت ترجمته عن الانجليزي، وعلى الرغم من أني لست متخصصاً في تصميم الخطوط الطباعية إلا أنني استطتعت تمييز الفقرات التي كانت فيها الترجمة حرفية، وكملاحظة لا يمكنني تجاوزها لم أفهم يوماً حال المصممين العرب – اللبنانيين بالتحديد – لديهم ولع باللغة الانجليزية في الدراسة والتواصل، على الرغم من أنهم ينتجون أفضل الخطوط العربية وأنجحها.
مقال رائع لكتاب قرأته واستلهمت منه الكثير حول مزاوجة الخطوط العربية لللاتينية.
فعلاً نحتاج لكم هائل من الخطوط العربية المعاصرة لتتواكب مع التصاميم الحديثة سواء النصوص أو العناوين فالخطوط العربية معظمها قديمة ولا تتماشى مع التحديات والمتطلبات التي يحتاجها المصممين.
كالمعتاد، أشكرك جزيل الشكر أخي عصام
مهدي جوبان
الله ينور عليك عصام تبقى المشكلة الأبدية في عدم امكانية اقتناء هذه الكتب بالنسبة لساكني الدولة الاقليمية
نحن نحتاج لصحوة تقنية عربية..