خلال كل هذه السنوات صرت أتعرف بسهولة على مدارس التصميم اللبنانية والمصرية والخليجية (دبي وأبو ظبي تحديداً) والإيرانية.. أظنها أكثر المدارس التي استطاعت أن تخرج بأسلوب خاص يميزها. تصاميمها مبتكرة لكنها في نفس الوقت تحمل روح البلاد التي أتت منها.. ربما المغرب أيضاً مؤهلة لأن تتميز، لكنها لحد الساعة مكتفية بتفردها في الخط المغربي والمعمار.. في الجزائر الأمر يكاد يكون منعدماً.. كنت في السابق أتحدث عن “هوية الجزائر البصرية” الآن أجد أن هوية “التصميم” في الجزائر نفسها منعدمة، قبل أن نأتي لهوية البلد نفسها.
في لبنان مثلاً أجد أن الاختلافات الثقافية والفكرية المختلفة ساعدتهم كثيراً لتقبل تاريخهم ككل، فهم لم ينبذوا فترات الاحتلال السابقة والتأثير الفرنسي على العمارة وعلى التصميم وغيره، بل أولاً استفادوا من الذائقة الفرنسية بشكل كبير، وصار لديهم القدرة على دمج كل ما لديهم والعمل على الاتجاهين، فدوماً كلما أصادف عملاً لبنانياً على الأغلب أجد فيه العصرية وفي نفس الوقت اللمحة القديمة التي إما أن تترجم في اللون أو النمط البصري أو الخط.. وأحياناً الخامة نفسها التي ينفذ عليها العمل.
إيران، نستطيع القول أنها استحوذت على الخط الفارسي الذي ينتمي إليها أولاً، لكنها في نفس الوقت لا تعتمد على فن التصوير بشكل كبير، إلا إذا كان مهماً أو يختصر فكرة التصميم بشكل واضح.. الفنانون والمصممون الإيرانيون يعمدون دوماً إلى ابتكار تشكيلات جديدة للخط الفارسي خصوصاً، ولمجموعة خطوط أخرى مميزة لهم بشكل عام.. كما أنهم يطبقون قواعد التركيب في التصميم الغرافيكي بشكل مذهل، المصمم “مسعود نجباتي” مثال جيد، لذا فإن أغلب تصاميمهم تعتمد على قدرتهم الكبيرة في وضع عناصر التصميم بشكل مثالي في اللوحة الواحدة، هذه العناصر التي يكون الخط الفارسي أهم جزء فيها.. كما أن جو الثمانينات واضح فيها، وربما للثورة الإيرانية وأفكارها تأثير لهذا.. ولا ترى لدى الإيرانيين اهتماماً بالتصوير أو بالتراث الإيراني والشخصيات الإيرانية العادية والتقليدية، بل فن العمارة والزخارف هما أكثر مصادر الوحي فيما يبدو لديهم.
المدرسة المصرية، متأثرة بشكل كبير بفن الكاريكاتير الذي تعتبر مصر من أبرز مصدري فنانيه إلى العالم العربي، بحكم أنها من أوائل الدول العربية التي تصدرت المشهد الإعلامي من عقود طويلة وأسست لمدرسة إعلامية كبيرة، وأيضاً فن الخط العربي – الحر بشكل أكبر – الذي ميز ملصقات الأفلام السينمائية (خط الرقعة له مكانة خاصة) والذي ولغاية التسعينات كان مطلوباً جداً من قبل الخطاطين والفنانين. لذا إن صادفني عمل غرافيكي ما وكان له طابع كرتوني كاريكاتيري، مع أسلوب كتابة عفوي أحياناً، أو تحوير مصري مميز للخطوط، أعرف مباشرة أن هذا العمل مصري.. كمثال لاحظ شعار قناة التحرير.. راجع شعارات برامج عمرو خالد.
من أفضل النماذج التي أنصح بالعودة إليها لتفهم بها ما أقول هو الفنان محيي الدي اللباد وحسين بيكار رحمهما الله وحلمي التوني وغيرهم كثير.. اللباد تحديداً ومن الجزء اليسير الذي طالعته، له تأثير كبير على الأجيال الحالية من المصممين في مصر.
والله أعلم.
—–
ملاحظة: استخدمت تخميني وتجربتي البصرية وبعض المعلومات التي أعرفها مسبقاً.. لكن قد يفيدنا أكثر أحد المطلعين.
تدوينة رائعة وتعطي تلخيصا مميزا لتوجهات التصميم في البلدان التي ذُكرت.
لا أدري ما وجهة نظرك تجاه الأسلوب الخليجي خصوصا دبي وأبو ظبي لكن أعتقد أن مكانتهما كسوق مفتوح وخصوصا دبي أثر كثيرا على البيئة الأصيلة لهما حيث وأن أغلب وكالات التصميم والمصممين فيهما مستقدمون من بلدان عديدة لها الطابع الأجنبي.
تحياتي لك وفي انتظار المزيد 🙂
اتمنى ان ترفق تفاصيل اكثر عن التصاميم ..
فكل مدرسه لها رائدوها ..