لو طرحت هذا السؤال على أي فنان: “كيف تجد أفكار أعمالك؟”
الفنان الصادق مع نفسه سيجيبك: “أسرقهم“.
بهذا الشكل الصادم يبدأ الكاتب أوستن كليون طرحه، ثم يخبرك أن السرقة في عالم الإبداع هى الأساس، لذلك فالمهم معرفته هنا هو ليس “هل تسرق أم لا؟“، المهم هو “ماذا ستسرق؟” فالأمر منوط بنوعية ما تسرقه، هناك ما يستحق السرقة وهناك ما لايستحق.
ولكي يؤكد على هذه الفكرة يتحدث مباشرة بعدها عن أن لا شيء أصلي، الآن نحن نعيش عصر إعادة التدوير، ابحث عن العمل المطلوب اسرقه، وأعد تقديمه بشكل جديد، فأي فكرة تتصور أنها جديدة، فهناك بالفعل فكرة سابقة لها وأن أحدهم قد قام بها. يشبه هذا الأمر بالصفات الجينية التي تحصل عليها من والديك، فرضا لو كانت صفات والدتك خطوطا عمودية، وصفات والدك خطوطا افقية، فستحصل انت على الاثنين معاً؛ خطوط عمودية وأفقية متقاطعة. لذلك ما يحدث أن أفكارك كلها هي عبارة عن خليط كل ما تعرفه من الآخرين، انها نوع من الريميكس.
فالفنان مهمته تجميع/سرقة الأفكار الأفضل والأنسب له، وهذا نوعاً ما راجع إلى نوعية الأشخاص الذين يحيطون به.
ولكي تختبر ذلك اختر واحدًا ممن تتابعهم كاتب أو رسام، اقرأ جيدا عنه، أدرسه جيدا، ثم ابحث عن ثلاثة أشخاص يهتم بهم هذا الكاتب أو الرسام، اقرأ عنهم، واعرف كل شيء عنهم، تابع هذه العملية قدر المستطاع، وبهذا تستطيع معرفة من أين تأتي أنت بأفكارك، بسيطة.
وحتى يساعدك على ذلك فهو ينصحك بحفظ سرقات لاستخدامها في وقت لاحق، احمل معك مفكرة وقلم في كل مكان وسجل أي شيء يعجبك خلال يومك، فقرات في الكتب، محادثات مع الأصدقاء، أرسم عندما تتحدث في الهاتف. لا يهم كثيراً ما الذي ستستخدمه، سواء كان دفتراً او تطبيقا، أو ربما التقاط الصور التي تنجذب لها، طالما هذه الوسيلة تعمل فهي تفي بالغرض.
لا تنتظر حتى تعرف من أنت عليه حتى تبدأ:
قد تكون خائفاً من البدء في عملك الابداعي، وكذلك كان الأمر بالنسبة للجميع، لن تعرف ما ستصبح عليه مالم تبدأمباشرة، ولا بأس ان كنت خائفاً، يمكنك سؤال أي من المبدعين الذين تتابعهم، وسيخبرونك أنهم لا يعرفون كيف تحدث معهم، انهم فقط يظهرون، ويفعلون ما يقدرون على فعله.
وكحل لهذا فهو يقترح عليك أن توهم نفسك بأنك فعلا الفنان الذي تريد أن تكون، إلى أن يأتي اليوم الذي ستصبح فيه هذا الفنان، وسيسهل هذا عندما تبدأ في النسخ من الآخرين، ليس استخدام أعمالهم ونسبها إليك، فهذه لصوصية وقحة، بل بأن تنتج أعمالاً تشبه أعمال مبدعيك المفضلين، لو راجعت تاريخ عدد من مشاهير الموسيقى فستجدهم قد بدؤوا من خلال إعادة أغاني الآخرين لذلك ستسعد في البداية باعادة انتاج أعمال مبدعيك المفضلين. وليس عليك نسخ أعمالهم، بل حتى نسخ التفكير الذي يقف خلفه. وشيئاً فشياً ستبدأ في الانتقال من مرحلة النسخ منهم إلى الإضافة إلى ما نسخته منهم. يصفها أوستن بأنها مرحلة متقدمة من المحاكاة.، ستنتهي لاحقاً بالوصول إلى نسختك الخاصة، يعطي أمثلة عديدة لمشاهير بدؤوا بتقليد ومحاكاة مشاهيرهم وقدوتهم في مجال أعمالهم، وانتهوا بأن صاروا نسخاً جديدة خاصة بهم.
قد تتفق مع الكاتب أو تختلف معه، فهو يطرح وجهة نظره في النهاية، السؤال هنا: متى ستبدأ بالسرقة والنسخ من الذين تعجب بهم؟ :))
—–
– ملحوظة: تحدثت عن أول فصلين في الكتاب فقط؛ لأنهما مرتبطين ويلخصان الفكرة الأساسية.
بارك الله فيك اخي حمود … بصراحة مواضيعك مميزة
هذه حقيقة لا غبار عليها و لكن أفضل أن أسميها إلهاما لأنه من النادر جدا أن تجدا عملا مخلوقا لا مثيل له من قبل , إنه تراكم لمعارف و كليشيهات يقوم العقل كما قال الكاتب بإعادة تدويرها
شكرا عصام
سبدأ من الآن
وأنت أول من أسرقه ????
في الحقيقة أنا استسلمت لموضوع السرقة، لن تكون الأول هههه
جميل.. والواقعية في الموضوع مرة للبعض ولكنها الحقيقة!!
مستفيد جداً منك ياعصام، قد أكون في مرحلة الطلب عندك =)
غالبية الأفكار المدهشة التي نراها حولنا هي استلهام لأفكار الآخرين عند رؤيتها فيدفعك عقلك على توليد ابتكارات وافكار جديدة كلياً كانت شرارتها هي تلك الفكرة التي تأملتها فولدت لديك أفكار اخرى . هذا هو الفن والابداع.
اما الذين يأخذون أفكار الآخرين ويخفون بعض معالمها فهذا تقليد فاشل لان سرعان ما تربط بتلك الفكرة أما أذا قمت بأخفاء جميع معالمها فأنت اذن قمت بأبتكار مدهش جديد.
الف شكر للأخ المبدع الفنان عصام