من يتابعني على التويتر أو على صفحتى على الفيسبوك يعرف أني مؤخراً صرت أكثر اهتماماً بتصميم الخطوط العربية، وقد تفاجئت من فترة بأعمال مصطفى الأباصيري لجمالها وروعتها وبساطتها.. ورأيت بأني ساتشرف بإجراء حوار معه.. وقد وافق بكل تواضع:
أهلا مصطفى، كيف حالك؟
أهلا وسهلا. الحمد لله بخير.
مع أني متابع لمصممي الخطوط العرب منذ سنوات، لكني تفاجئت بأعمالك! هل بدايتك في تصميم الخطوط قريبة؟
بدايتي بالفعل كانت من فترة صغيرة، بالتحديد عام ٢٠٠٩. عملت قبل ذلك في مجال التصميم الجرافيكي والمطبوعات، وقد عانيت في أغلب الأوقات من البحث عن أنواع محددة من الخطوط العربية الغير عادية التكوين والتي يسهل قرائتها في نفس الوقت. تلك الفئة من الخطوط كنت أعتبرها إلى حد ما نادرة – في ذاك الوقت – وإن توافرت فكانت غالية الثمن مقارنة بالخطوط الأخرى. ومن هذا المنطلق قمت بدراسة التايبوغرافيا ومن ثم بدأت ممارسة تصميم نماذج للخطوط التي دوماً تمنيتها للغة العربية كإضافة فريدة من نوعها.
نسيت أن أسألك.. لم أتعرف عليك حتى الآن؟
إسمي مصطفى الأباصيري، من مصر، تخرجت من كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، عملت في مجال التصميم لفترة ليست قصيرة بالقاهرة، التحقت بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان لإكمال دراساتي العليا في الفنون قبل أن أبدا رحلتي للتدريس بالخارج. أعمل الأن كمدرس للتصميم الجرافيكي بمعهد دولي ببوماي في الهند، إلى جانب عملي كمصمم خطوط و علامات تجارية.
ما الذي يلهمك أكثر في تصميم الخطوط العربية عن الخطوط اللاتينية التي تجيد تصميمها كذلك؟
سؤال جيد، إذا نظرنا للكتابة العربية فهي بصريا تعد كتابة غنية، بخلاف الكتابة اللاتينية ذات الحروف المنفصلة، الكتابة العربية تعد أغنى وأجمل لعدة أسباب، أهمها أنها كتابة متصلة يسهل قرائتها نظرًا لتماسك كلماتها – فلا تسبب إرهاق للقارئ – إلى جانب ثرائها بوصلات الحروف المتنوعة، والتي تعد من أجمل ما تتميز به الكتابة العربية، فقليلا ما نجد مثلا وصلات ذات شكل مميز (Ligatures) تجمع بين حرفين أو أكثر في الكتابة اللاتينية، مقارنة بالكتابة العربية، والتي تتشكل معظم حروفها طبقا لمواقعها في الكلمات. وأخيرًا وليس آخرا فالكتابة العربية تعد أكثر طواعية و إغرائا للمصصمين – و أنا منهم – نظرًا لمميزات تقنية أخرى كإمكانية الإطالة لمعظم الكلمات بالكشيدة أو كالتشكيل. الكتابة العربية منذ نشئتها كتابة فريدة، عاشت ولازالت ملهمة لكل فنان أحبها سواء كان عربيا أو حتي أجنبيا.
وكيف ترى الفرق بين ما انتجته من خطوط في البداية وما أنتجته مؤخراً؟
بالطبع أسعى دائما للإبتكار والتطوير، التصميم هو عملية مستمرة مدى الحياه، فلا أكتفي بقدر معين أو أتوقف عند مرحلة بذاتها، فالتطوير دائما مطلوب، ليس فقط في التصميم بل في مختلف جوانب الحياه لأن أي شيء من صنع الإنسان ليس كاملا بل يمكن دائما تطويره، ويبقى الكمال لله وحده.
هل تعمد إلى تصميم خطوط عربية متوافقة مع خطوط لاتينية “matchmaking “، أو بالاستناد إليها في الخروج بخط جديد؟
ربما، بالرغم من أنني لا أرى قصورًا أو ندرة في تلك الفئة من الخطوط بذاتها. لازلت أفضل تطوير خطوط تشكيلية وقد تبنيت تلك الفئة بذاتها لتكون محل تركيزي في الفترة القادمة بإذن الله.
بالنسبة لك، ما هي أصعب المراحل التي تمر بها عملية تصميم خط عربي؟
قد تكون مرحلة الإلهام بحثا عن فكرة جديدة وفريدة لخط عربي، فأصعب مراحل تصميم الخطوط هي مرحلة الدراسة والبحث قبل البدئ في التطوير.
هل تأخذ ما ينطبق على الخط العربي من قواعد بالحسبان؟
بالتاكيد كما أن هناك قواعد عامة وثابتة في الخط العربي، فهناك أيضا قواعد متغيرة وقابلة للبحث والتطوير، على سبيل المثال عدد النقاط على حرف القاف ثابتًا – إثنان – ولكن على أي هيئة تصمم تلك النقاط فيعد متغيرًا، قد تأخذ شكلا بيضاويا، أو مربعا، أو معينا أو حتي تجمعان معا على هيئة مستطيل وهكذا
وهل هناك قواعد موضوعة ليكون “التايب” المصمم صحيحاً مائة بالمائة؟ أم أنك لا تلتفت لكلام المتخصصين والمحترفين؟
من البديهي الرجوع لكلام المتخصصين خاصة عن طريق القرائة والبحث، ونظرًا لطبيعة عملي كمدرس فالقرائة تعد من أهم ما أستثمر به وقتي. و هناك العديد من الكتب التي أعدت بواسطة متخصصين في تصميم الخطوط سواء العربية أو الغربية أو غيرهم من اللغات.
في مسألة التجديد، عندما ترغب في تصميم خط، ما الذي تركز عليه ليصبح جديداً ومختلفاً عن الموجود؟
حبي للتجديد كان الدافع الأكبر لدراستي للخط العربي الطباعي، بل أيضا كان الدافع وراء تركي جزئيا لمجال التصميم التجاري وسعيي للتدريس، وباللغة الإنجليزية في بلد كالهند. أتذكر أني استعنت كثيرًا بكتب التاريخ وقد لاحظت أن في كل فترة في تاريخ أمتنا العربية كان هناك تجديد شبه كلي في نظام الكتابة العربية – وليس اللغة -،بدءاً من الكوفي البسيط الذي قد ميز الأمويين مرورًا بالكوفي الفاطمي ثم الهندسي وصولا للكتابة العثمانية. لو لاحظنا أنه في كل مرحلة قد لا تزيد أو تقل عن قرن أو قرنين من الزمان، كان هناك تجديد وتطوير شامل لنظام الكتابة العربية، بل أكثر من ذلك، فكان هناك أيضا تنويع وإثراء، وهذا ما يجب علي كفنان قبل أن أكون مصمما للخطوط اتباعه. التجديد مطلوب في مختلف جوانب الحياه وأقصد هنا التجديد المسبب والمدروس وليس التجديد من أجل التجديد.
سؤال أخير: لن أخفيك، أشعر بأن انتاج وتصميم الخطوط العربية عليه نوع من التكتم لدى المصممين المعروفين او ربما لقلة المصادر.. حتى أن من يبحث عن المعلومات لبدء انتاج خط يجهل ما الذي عليه فعله.. هل توافقني في ذلك؟
قد اوافقك ولكن جزئيا، فهناك وفرة في المصادر والمؤلفات الغربية عن الخطوط العربية في حين أن هناك ندرة في المصادر والمؤلفات العربية عن الخطوط العربية! هذا شيء يحزنني شخصيا وأتمني أن أجد يوما ما من يساعدني أو أساعده لسد تلك الفجوة.
أشكرك مصطفى على هذا الحوار
شكرا لك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مقابلة رائعة، كنت اتمني ان تكون احد الأسئلة عن المصادر … ان يزودنا بعدد من المصادر التي يتعلم منها شخصياً.
احييك علي المبادرة.
استعمتع جدا بالحوار الرائع
شكرا لكما
بالمناسبة أخ مجدي كنت مسبقا قد سألت الأخ مصطفى
و احالني على مصدر رائع جدا ^_^ بارك الله فيه
اذا لم يمانع الاخوة http://www.khtt.net
شكراً أنس، موقع خط من المواقع المفضلة لدي، محتواه رائع
منورين وبارك الله فيكم على تشجيع الكوادر مثل الأخ مصطفى الأباصري وقد أشتريت بعض الخطوط منه سابقاً وأتمنى من الشباب أن يتعلمو منه لتعزيز وتطوير المحتوى العربي في مجتمعنا خلال التصميم والتواصل.
مقابلة رائعة وجميلة … حقا، لقد أستفدت كثيرا
مصطفى فنان متميز متمكن من ادواته. تصميماته تتمير بالمزج ما بين الأصالة و المعاصرة. كما انه على المستوى الأنسانى يتمتع بسعة صدر كبيرة.
هذا الفنان الرائع مصطفى الأباصيرى…. صديقى العزيز و زميل الدراسه أعتبره واحد من أفضل المطورين فى الفنون بشكل عام وبخاصه الجرافيك ربنا يوفقك يا صديقى العزيز
مشکورین على نشر هذا المقال القيم، وأحب أن أضيف أن الحروف في العربية لا تتعدى 19 بخلاف اللاتينية التي لا تقل حروفها عن 34 حرف.
http://Typophile.com/files/QB.swf
http://Typophile.com/files/QB.pdf
http://typophile.com/files/PBMJ.pdf
مع تحياتي
سؤالك الأخير صراحة مهم جدا.
كان الأستاذ مصطفى أول من تجاوب معي واعطاني من كل وقته واجاب على كل تساؤلاتي حول موضوع تصميم الخطوط، وأنا ممتن له كثيرا، انسان متواضع ولا يبخل على أحد من خبرته ومعارفه.
أتمنى له مسيرة حافلة بالتميز والنجاح، وأيضا أن يدعم شبابنا مواهب مثل الاستاذ مصطفى.